فصل: المحور الثالث: ماذا قال الإسرائيليون بعد رحيل سعد الدين وهبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قراءة في فكر علماء الإستراتيجية (نسخة منقحة)



.المحور الثالث: ماذا قال الإسرائيليون بعد رحيل سعد الدين وهبة:

هناك أقوال للمدح والثناء بعد رحيل الأستاذ/ سعد الدين وهبة من إخوانه وزملائه ومحبيه... وهذا ليس موضوع محورنا في هذا المبحث، بقدر احتياجنا لمعرفة مشاعر العدو الصهيوني حينما توفي أحد رموز الأمة، الذي وقف بصلابة وشموخ ضد التطبيع الثقافي والفني مع إسرائيل، لقد انطلقت الإذاعة العبرية تزف الخبر لأعوانها وأصدقائها، وكأنها تزف بشرى إلى السينمائيين الإسرائيليين والصهاينة: لقد رحل الكاتب المصري والمسرحي سعد الدين وهبة، الذي كان يمنع دائماً أن يستمتع الشعب المصري بتكنولوجيا الفن الإسرائيلي، ودرجة الإبهار العالية للسينما الإسرائيلية، وكثيرا ما وقف سعد الدين وهبة- حسبما قالت الإذاعة الإسرائيلية، في وجه السينمائيين الإسرائيليين، وإعلان ذلك بوضوح من خلال مقالاته، وكتاباته الصحفية في الصحف المصرية والعربية. وكذلك مقالاته التليفزيونية والإذاعية، ولم يخف سعد الدين وهبة سرا عندما أكد أن من أسباب غضب الرئيس الراحل أنور السادات عليه إعلانه رفض اتفاقية كامب ديفيد!! وتضحيته بمقعده البرلماني الذي كان يشغله في مجلس النواب المصري!!.
... والآن.. بعد رحيل سعد الدين وهبة- تقول الإذاعة الإسرائيلية-: بات من المؤكد أن تشارك السينما الإسرائيلية في فاعليات مهرجان القاهرة السينمائي، إن لم يكن في دورته الحالية، فعلى الأقل سيكون في الدورة القادمة، فالأصدقاء ما زالوا على قيد الحياة.
* عاش سعد الدين وهبة حياة حافلة عريضة: كاتبا مسرحيا، وصحفيا ملتزما، ومناضلاً وطنيا- حيث كان جنرال في الجيش- وكان شيخا يناهز السبعين من عمره عندما خاض معركته العظيمة ضد التطبيع مع إسرائيل.
*ولو أن سعد الدين وهبة لم يفعل في حياته سوى التصدي للصهيونية وأتباعها لكان ذلك حسبه ليكون خالداً في ذاكرة الأمة.
* ظل سعد الدين وهبة مصراً على الخط الصحيح، وكانت مقالاته في الأهرام دروساً حقيقية في الوطنية.
فالصراع بين العرب وإسرائيل للتوسع، وهدفها النهائي أن يكون العرب جميعا مجرد رعايا في الدولة العبرية الكبرى من النيل إلى الفرات.
هذه هي الحقيقة التي يتجاهلها بعض الحكام العرب... يضحكون على أنفسهم، وعلى شعوبهم. بعض الحكام العرب حريصون على الاستسلام لإسرائيل بأي ثمن!! لأنهم يربطون السلام ببقائهم في السلطة، وهم يخافون الحرب؟ لأن الحرب تقتلع عروشهم.
- هذا ما كان سعد الدين وهبة يكشفه في مقالاته، وكان ما يكتبه مؤثرا لدرجة أن الخارجية الإسرائيلية اعترضت عليه مراراً.
لكن الشيخ الشجاع لم يهتز....
- وآخر ما قال عندما يصل بنا الهوان أن نركع أمام عدونا، ونتوسل إليه أن يرفسنا بقدمه.. ويتركنا نعيش.. عندئذ لا تستحق الحياة أن تُعاش.
إن إسرائيل احتفلت برحيل سعد الدين وهبة، في حديقة بالقدس الغربية: شهدت القدس الغربية يوم الثلاثاء الماضي حفلاً أقامه عدد من السينمائيين الإسرائيليين، ابتهاجا برحيل الكاتب سعد الدين وهبة أحد أهم صقور معارضي التطبيع مع إسرائيل.
* تضمن الاحتفال كلمات لعدد من المخرجين والكتاب اليهود، أعربوا خلالها عن تمنياتهم باللحاق بمهرجان القاهرة السينمائي، بعد رحيل الرجل الذي كان يمثل حائط صد لأي محاولة تسلل إسرائيلية... من بين الذين عبروا عن سعادتهم برحيل سعد الدين وهبة المخرج باحومي حنا، والكاتبة ليناسا موصى بالإضافة لبعض الممثلين الإسرائيليين، واتفق الحاضرون على إشهار جمعية جديدة بعنوان (أعداء الحرب).
وتهدف إلى التنديد بالمثقفين العرب، الرافضين للتطبيع مع المثقفين والفنانين الإسرائيليين، دعا المشاركون في احتفال القدس الغربية فاروق حسنى- وزير الثقافة- للعمل على اشتراك إسرائيل في مهرجان القاهرة السينمائي، وفتح صفحة جديدة مع الفنانين الإسرائيليين بعد سنوات القطيعة التي فشلت خلالها الحكومة الإسرائيلية في عرض أفلامها بالمهرجان.
* كما دعا الحاضرون وزير الثقافة لإصدار أوامر لدور العرض المملوكة للدولة، لفتح أبوابها أمام الأفلام الإسرائيلية والأمريكية التي يشارك في تنفيذها إسرائيليون لعرضها على الجمهور المصري...

.المبحث الرابع: قراءة في مقالة الدكتور مصطفى محمود:

مقالة صحفية للدكتور/ مصطفى محمود نشرت بجريدة الأهرام صباح يوم 28 مارس 1998.
وتحت هذا العنوان قال الدكتور مصطفى محمود: واضح أن أمريكا تريد أن تنفرد بالقرار في شؤون العالم، وتريد أن تطلق يدها في التركة الاستعمارية التي خلفتها بريطانيا في الشرق الأوسط وبتروله.. وإذا كانت إسرائيل تبدو في الظاهر أنها تستعمل أمريكا لأهدافها، فإن الحقيقة هي العكس، فإسرائيل الكبرى كلها مجرد مشروع استثماري، تنفق عليه أمريكا وتوظفه للهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية وكنوزها. إنهما لصّان كل منهما يستعمل الآخر لتحقيق أطماعه.
ولا مانع من أن تستخدم أمريكا لغة العواطف، وحقوق الإنسان، والشرعية الدولية، لتمرر مصالحها، ولا مانع أن تستخدم إسرائيل أسطورة الهولوكوست، وتحاول أن تثير إشفاق العالم بحكايتها الملفقة عن المحارق وغرف الغاز لتستر أطماعها.
وكلاهما كذاب ومنافق، فما نلبث أن نفاجأ بإسرائيل تحرق نصارى لبنان ومسلميهم في قانا بالصواريخ، وقذائف الطائرات تحت زعم أنهم إرهابيون.. وما كانوا في الحقيقة إلا لبنانيين فقراء، يحتمون بمخيمات الأمم المتحدة وتحت أعلامها.
ولا مانع من أن تشيد أمريكا بالعدالة والموضوعية في نظامها العالمي الجديد. ثم نفاجأ بها تخرج على دستور الأمم المتحدة وقانونها وقراراتها، وتعلن حقها في أن تضرب العراق في أي وقت يخالف فيه صدام حسين أوامرها، دون أي مشورة أو إذن من الأمم المتحدة. ولن تختلف نهاية الأمم المتحدة عن نهاية عصبة الأمم، التي قضى عليها اللص البريطاني القديم أيام عزه. والظلم يكرر نفسه كل يوم، بأسماء جديدة ومعايير جديدة. إننا نواجه عصابة لصوص، وقتلة يضحكون علينا بشرعية كاذبة، عولمة مشبوهة، وحقوق إنسان وهمي، وبدعة الجات لسرقة ما تبقى في جيوبنا.
إننا في غابة تسرح فيها الذئاب طليقة في أثواب إنسانية.
وما نرى أمامنا سوى حفلة تنكرية، وقفازات حريرية، تخفى المخالب وابتسامات دبلوماسية تخفى الأنياب.
ولا ملجأ ولا أمان لأحد من الغدر، سوى سلاحه وقوته. وعلى الدول الصغيرة أن تتجمع في تكتلات وجبهات.. فالضعاف لا يبقون ضعافا إذا اتحدوا.. والعصي يغدو لها شأن آخر حينما تصبح حزمة. والإيمان بالله قوة، لا يقف أمامها سلاح، ومنذ بدء التاريخ وهناك أقوياء وضعفاء.. ومنذ بدء التاريخ وهناك قوم نوح، وقوم عاد وثمود وإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد. أين هي إرم؟ تلك التي لم يُخلق مثلها في البلاد، وفي أي واد هلكت وبادت؟
وأين الروم.. والفرس.. والتتار.. والمغول.. والهكسوس.. والفراعنة العظام؟ الذين شادوا الأهرامات والمسلات، وقهروا الزمن بالتحنيط.
باطل الأباطيل، وقبض الريح ما جاءت به السير والأخبار.. والكل هالك.. ولا أحد يعتبر!! وكما هلكت عاد الأولى التي حكى عنها القرآن، سوف تلحق بها عاد الثانية (أمريكا) وفي إثرها بنتها البكر (إسرائيل)، وتلحق بكتاب السير والأخبار سيرة أخرى ذميمة كريهة هي سيرة آل صهيون.. إنما هي كتابة على الماء ونقش على الرمال. أيها الضعاف.. ما الأقوياء المستكبرون بأقوى منكم.. إنما هو الجبن والخمول والكسل وحب الحياة وخوف الموت وكراهية الجهاد.. إنما هي سموم الفرقة وسوس الاختلاف، وداء التشرذم الذي يبدد عزمكم، ويجعل من ملايينكم أصفارا.
ولا أستسلم للتشاؤم.. فإني أرى بشائر يقظة، وبداية تجمع عربي، قد أحدث أثره في إفشال الهجمة الأمريكية على العراق، وتراجع للحشد الإجرامي الذي كان يحشده الصهاينة في كل مكان.. بل وحصار للصهاينة في داخل أمريكا ذاتها، في جامعة أوهايو.. وصعود الطلبة على المنصة التي تقف عليها مادلين أولبريت وإلى جوارها- وزير الدفاع الأمريكي- كوهين.. وصراخهم في وجهه.. كفوا عنا أكاذيبكم.. أنتم مشعلو الحروب.. ورسل الخراب.
وقال الذين حضروا الاجتماع الحاشد: إن الرجل فوجئ بهذا الهجوم واتسعت حدقتاه في ذهول ولم يجد ما يقوله.. هناك إذن بداية تغير في المناخ العام العالمي.. وبداية فضيحة للخطط الصهيونية، ونقرأ هذه الأيام عن حصار الماسونية في إنجلترا (والماسونية هي الجهاز السري للصهيونية)... ويهدد مجلس العموم البريطاني بأن قيادة الماسونيين ستواجه السجن، إذا استمرت في فرض غطاء السرية على نشاطها، ولم تعلن عن أعضائها الماسون الذين ينتمون إلى البوليس، والقضاء والصحافة، ويشتد هجوم كريس مالن على مايكل هيجام السكرتير الأعظم للجمعية الماسونية، ويتبادلان الألفاظ الحادة، حينما يرفض أن يكشف عن أسماء مائة وسبعين عضوا بارزا من الماسون يشغلون مناصب حساسة يشك المجلس في أنهم تورطوا في سلسلة فضائح.. لقد بدأ الستر يتكشف عن مصائب الصهيونية ومكائدها. وكان رجع الصدى لهذه التحولات والأحداث بالنسبة لقياداتنا العربية فورياً، وكان حديث الرئيس مبارك لصحيفة معاريف الإسرائيلية شديد اللهجة، قاطع النبرة.. قال لمحدثه الإسرائيلي: قوموا بتنفيذ جميع الاتفاقات دون مناورات أو سفسطة. نحن لم نحصل منكم حتى الآن إلا على وعود.. وكل الزعماء العرب فقدوا الثقة في نيتانياهو..
- وقال الملك الحسن ملك المغرب: إن نيتانياهو يريد أن يكرس مدرسة جديدة في القانون الدولي، تعطى الحق لكل حكومة في محو كل ما أبرمته الحكومة التي سبقتها.. وهى مدرسة إن وجدت فستكون مدرسة الفناء لا البقاء، ومدرسة الهدم لا البناء، ومدرسة المجون والفسق، لا مدرسة الفضيلة والاستمرار البشرى.
وهناك إذن بداية فضيحة لما تُبيَت إسرائيل، ولما يخطط له الصهاينة، وبداية انكشاف لمكائدهم، وبداية تحول على جميع المسارات، وبداية وقفة قوية من قياداتنا العربية وصحوة من زعاماتنا الإسلامية... هل يكف الإسرائيليون عن عدوانهم؟ وهل يتنازلون عن مخططاتهم بعد هذه الفضيحة؟!!
لا أظن. بل سيتمادون، ولكن سيكون عدوانهم مفضوحا وشرهم مكشوفا.. ولن يجدوا العون الذي كانوا يجدونه، ولا التعاطف العالمي الذي كانوا يلقونه.. وسوف ينفض عنهم الحلفاء واحدا بعد الآخر... وسوف يجد العرب أعوانا يزدادون نصرة لهم يوما بعد يوم.. وسوف ينقلب العالم على الصهاينة؟ ليستأصل شأفتهم، وسوف تكون نهايتهم.
وأحبارهم يعلمون هذا بمشيئة الله تعالى، ويعرفونه من آيات توراتهم التي يخفونها، يعلمون أن الهيكل الذي سوف يبنونه على أطلال الأقصى، سوف ينهدم على رؤوسهم، ولكن عنادهم يغلبهم وسوف يركبون رؤوسهم.. ولن يتراجعوا عن بغيهم وتعاليهم.
وهم يضحكون على الإنجيليين الأمريكيين، ويوهمونهم أن المسيح لن ينزل من السماء إلى أرضنا إلا حينما يأتي عليها الخراب، وتسيل دماء المسلمين أنهارا، ويرتفع شأن اليهود، فهو ملك اليهود النازل من أجل إعلاء كلمتهم.. والحرب على المسلمين وإفنائهم لابد منها لنزول المسيح وهرمجدون هي الموقع المختار في فلسطين لهذه الحرب. وقد جهزوا أسلحتهم النووية والكيميائية والميكروبية من أجل هذه المواجهة الكبرى. هكذا يُروّجون للخراب ويتعجلونه.
وإذا صدقت نبوءة هرمجدون فسيكون فيها خرابهم وفناؤهم وخزيهم، قبل أن تكون خرابا للدنيا، وستكون نصرا للمسلمين وارتفاعا لرايتهم.
والكتب السماوية كلها تتحدث عن قتال الأمم مع يهود... والتوراة أكثرها حديثاً عن الدم.
فلماذا يكذبون علينا، ويتحدثون عن السلام... بينما يكدسون الأسلحة في ترساناتهم... ولماذا جعلوا من الكذب والغدر كل حياتهم؟!!.
انتهى كلام الكاتب.